ان كتابة وتقييم التاريخ اليوم من وجهت نظر اليوم أو من وجهت القائمين اليوم على مقاليد الأمور هو كتابه غير صحيحة ولذلك يقولون إن التاريخ هو التاريخ بمعني أن نقراه ونكتبه كما هو بغض النظر عن جوانبه التي تعجبنا أم لا تعجبنا ولا يجوز إن نجمله كما ينبغي لنا أو إن نشوة فيه كما ينبغي لنا أو إن نصفه بما هو ليس فيه أو لم يحدث ولذلك يقولون التاريخ يكتبه المنتصر أذن ماذا تتوقع من الحاكم إن يكتب وماذا نتوقع من يمتلك موقف وقناعات مسبقة إن يقول .
لذا عندما نتحدث أو نكتب عن واقعه أو عن تاريخ يجب إن نلغي عواطفنا وقناعاتنا السياسية والفكرية جانبا وان ننقل الصورة كما هي يحب إن يقرءا التاريخ كما هو لان الانحياز أو التزوير أو التقليل أو التضخيم من هذا التاريخ ليس صحيح
لا احد في العالم كله ينكر كيف مر العالم في تاريخه وصراعاته وان حقبة الاستعمار العالمي هي مرحلة استعمار الدول القوية للدول الفقيرة النامية وكلمة استعمار مع وضع خطين تحتها تدل مضمونها ومعناها ولذا فان الاستعمار هو سيطرة واحتلال الغير لأرض الغير وإخضاع أهلها لسلطة ونظام هذا المستعمر ولذلك لا يوجد هناك استعمار جيد واستعمار سيئ لان المستعمر هو المستعمر ولا يوجد بشر يقبل إن يحكمه ويتحكم فيه وفي أرضه أجنبي .
كما إن الطرح الذي يقول إن الاستعمار البريطاني قد كان مقررا إن يخرج لنفسه بعد شهر أو سنه من الاستقلال قول غير منطقي ولو افترضنا وسايرنا هذا الطرح هل كان لو تأخر شهر أو سنة سوف يطور البلاد في هذا الشهر أو في هذا العام ؟؟؟
إن المستعمر هو المستعمر ولا ننسى انه استعمر الجنوب لأكثر من 129 عاما لم يصل لا كثر من دار سعد ونقطة العلم بمعنى إن المدارس في عهده لم توجد إلا فقط في عدن ومدرسه في أبين وأخرى في الحوطة وحتى في عدن لا يستطيع احد من أبناء الأرياف إن يدرس في عدن إلا إذا عنده شهادة ميلاد انه من مواليد عدن (مخلقة) وظل كل مناطق الريف محرومة من المياه والكهرباء والطرقات والمدارس والصحة وشجعت ودعمت بريطانيا التخلف والجهل والفتن ومزقت الجنوب إلى أكثر من 23سلطنة ومشيحة وأماره وحرم أبناء الريف من كل شي لذا فان الاستعمار الذي ظل كل هذه الفترة كلها ولم يطور الجنوب ولا اعتقد خلال شهر إن يطوره بينما خلال فترة وجوده لم يهتم إلا في عدن كميناء ومطار وموقع عسكري استراتجي وترانزيت لبقية المستعمرات وبالذات الهند لذا اوجد فيها بعض الخدمات والتعليم وأوجدت فيها أدارة حديثة وشكلت عدن موقع تنويري ثقافي وسياسي لا احد ينكر تأثير ذلك على أبناء الجنوب والشمال الذين يتوافدون إلى عدن للعمل أو للتجار والزيارة .
إن الحديث اليوم عن نسف الثورة وإلغائها بجرة قلم هو من باب الشطحات والمزايدات التي تريد إن تنكر إحداث ووقائع وتاريخ وتضحيات شعب وان تكتبها وتصورها كما يحلوا لها لا كما حدثه وهو في نفس الوقت تجني وإنكار وأجحاد لمعانات وتضحيات الشعب الذي قدم الشهداء والتضحيات لنيل الاستقلال والحرية من الاستعمار الأجنبي وتولي أبناء البلد إدارة شؤونهم بأنفسهم بغض النظر عن الأخطاء والسليبات التي رافقه دولتهم .
لقد استلمت الجبهة القومية بلاد ممزقه أنهكتها الفتن والجهل والتخلف ولاميه واستطاعة الجبهة القومية من أول يوم إن تنهي وتوقف الحروب والفتن الداخلية ووحدة هذه الكيانات المبعثرة في أطار دولة مركزية موحده وإقامة نظام دولة مركزية أخضعت الأرض والإنسان لسلطتها وأنشئه الدولة مرافق ومؤسسات الدولة الجديدة الحديثة في كل مناطق وقرى الجنوب وأدخلت التعليم الحديث المجاني والصحة المجانية وضبطت الأمن وأدخلت الطرق والكهرباء وغيرها من الخدمات وقضه على ألاميه والثارات والفتن وينه مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية من أولادها وتعلم الآلاف من أبناء الريف في جامعات الداخل والخارج ونقله الجنوب إلى دوله اعترف بها العالم بغض النظر عن نهجها السياسي وبغض النظر عن تلك الأخطاء التي لا احد إن ينكرها .
لقد كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر هي ثورة حقيقية لشعب الجنوب قادها وخطط لها ونفذها أبناء الجنوب وقدم أول شهيد من أبناء ردفان هو الشيخ راجح غالب بن لبوزة هذه الثورة التي انخرط فيها الجنوبيين من مختلف الأطياف من مشايخ وعسكريين ومدنيين وقدموا الشهداء والتضحيات ومثلت رفض ومقاومة حقيقية للاستعمار البريطاني وإصرار حقيقي لاستعادة الجنوبيين لأرضهم وتحريرها من الاستعمار وإذا كان هناك من شارك من أبناء عدن من أصول شمالية أو من أبناء المناطق الشمالية فقد شاركوا فيها كوطنيين يمنيين كما شارك في ثورة سبتمبر من أبناء الجنوب وقدموا الشهداء ولذلك فانه لا يمكن أن نطلق على ثورة 14 أكتوبر أنها مستوردة أو ننسبها لغير الجنوبيين
فهل كان السلطان محمد بن عيد روس والشيخ المجعلي والشيخ راجح بن لبوزة ومحمد علي هيثم وعلي ناصر وسالمين وناجي ووعلي عبد الله ميسري ومدرم وعلي سالم ومطيع وثابت عبد وسالم الناخبي وعلي محظار وعبد الله مطلق والمكاوي وعطروش ومسدوس وصالح عبادي ومحمد ناجي وعبد الرب علي مصطفى والبار وباعوم وعوض الحامد وسعيد صالح وحنش ثابت والخبجي وعلي عنتر وصالح مصلح وعلي شايع وبن حسينون وفيصل العطاس والبيض وعكوش ومحمد صالح عولقي وسيف الضالعي وقحطان الشعبي وفيصل عبد اللطبف وعلي جاحص وغيريهم من المناضلين وهم كثر واعتذر لعدم ذكر الكثير التي لا تسعفني الذاكرة لذكرهم إذن هل كل هولاء هم شماليين أو كانوا مغفلين استغلوهم الشماليين وهل كان العقل الجنوبي بهذا الغباء والسذاجة وإذا كان كذلك فمن يضمن اليوم لهذا العقل إن لا يستغفل ومن يضمن إن لا نأتي غدا ونقول إننا كنا في الحراك الجنوبي ضحية وانه ضحك علينا لقد كان حماس واندفع الناس لثورة أكتوبر أكثر واكبر من حماس واندفاع الناس اليوم للحراك ؟؟؟؟.
إن مثل هذا الطرح الغير مسئول لا يحترم إرادة وتضحيات الجنوبيين ولا يقيس الأمور بمقياس وطني بقدرما يراد له تنفيذ أجندة معينة ومشاريع صغيرة متنوعة بعضها يربط بمن ارتبطت مصالحهم مع الاستعمار ويحنون لعهد الاستعمار وبعضها نزوات طائشة تتغلب عليها العاطفة الغير واعية سياسيا والجزء الثالث هو ناتج عن الإحباط النفسي الذي أصاب الجنوبيين نتيجة لتأثير صراعات الماضي وللوضع الذي يعيشونه اليوم ويحملون الماضي مسئوليته وهو يتمحور في أطروحات المنادين بالجنوب العربي الذي ارتبط مشروعهم هذا بنكران اسم اليمن ونكران ثورة 14 أكتوبر وهم بهذا الطرح يريدون إلغاء جزء من تاريخ الجنوب من 67م وإخراجه من مدونات التاريخ الجنوبي واقتطاعه من عمر الزمن ويبرر البعض إن تمسك الناس بالجنوب العربي ونكران يمانيتهم هو المخرج ظنا منهم إن ذلك سوف يساعدنا في استعادة دولتنا وان اسم اليمن عائق إمام استعادة دولتنا ناسين أننا كنا دولتين من سابق ولم يمنع الاسم من ذلك كما إن مفهوم فك الارتباط يعني بين من ارتبطوا بالأمس جمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية العربية اليمنية وفي نفس الوقت تجد إن أصحاب الجنوب العربي يقعون في تناقض مع أنفسهم فهم من ناحية ينكرون يمنيتهم ومن ناحية يعترفون بالرئيس البيض ويرفعون علم اليمن الديمقراطي ويطالبون بقراري الأمم المتحدة المتخذة في حرب عام 94.
إن تدفق مئات الآلاف من الجنوبيين اليوم إلى منطقة الحبيلين وتزيين مناطق الجنوب وإنارة الجبال ورسم علم جمهورية اليمن الديمقراطية في كل موقع وجبل وعلى أسطح البيوت للاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر لأكبر دليل عملي على مكانة هذه الثورة في قلوب وعقول الناس وهي رسالة مباشرة لمن يشككون في هذه الثورة أو الذين يحاولون نسفها ونسبها لغير الجنوبيين ولذلك فإننا في الوقت الذي نحترم أصحاب الجنوب العربي وتمسكهم بدعوتهم إلا انه لا يحق لهم إن يفرضون قناعاتهم هذه على الآخرين طالما لم يستطيعوا إن يقنعون الناس فيها ولا يحق لهم إن ينسفون ثورة أكتوبر ويتهمونها بأنها صناعة شمالية وارجوا إن تكون رسالة احتفال الحبيلين يوم 14 أكتوبر قد وصلتهم واستفادوا منه جيدا ليعيدوا حساباتهم وان لا يتكرر في المرة الثالثة توجيه مثل هذه الدعوات التي تقسم الشارع الجنوبي .
إن مئات الآلاف التي هبة إلى ردفان للاحتفال بذكرى الثورة قد مثل أستفتى حقيقي لشعب الجنوب في تمسك الناس بقيم ثورة أكتوبر وفي التفاف الناس حول المجلس الأعلى للحراك السلمي مع إننا لا نقلل من دور وجهود الآخرين ونحترم ونقدر كل جنوبي ولو كان فردا واحدا ولا نريد إن نخسر أي جنوبي ونقدمه لنظام صنعاء فما بالك بقادة نحترم دورهم إلا إننا بالمقابل لا نوافقهم في تمزيق الناس وتقسيم الشارع الجنوبي الموحد ولا يوجد أي مبرر مهما كان إن توجه دعوتين ليوميين متتالين مع انه كان الأجدر بهم إن يؤخذوا عبرة من العام الماضي التي تكررت نفس تلك الغلطة ولا نقبل في نفس الوقت الذي تبذل فيه الناس جهود لوحدة الجنوبيين إن يظهر هنا وهناك من يعمل دون وحدة الناس أكان ذلك لحسابات ومصالح ذاتية أو بدفع من نظام صنعاء مع إننا نحترم ونقدر أي ملاحظات أو اعتراضات من شانها تنظيم مثل هذا العمل وأننا مع الحوار المسئول ومع أشراك كل الجنوبيين ووضع الضمانات والضوابط للمستقبل ولكن من خلال الأطر والهيئات وتغليب مصلحة الجنوب على المصالح الحزبية والمصالح الذاتية والوجاهة ومرض الزعامة ولذلك فان المناضل الحقيقي الخلص لشعبة ووطنه لا يمكن أن يقبل إن يكون سببا لتمزيق الناس وانه أذا كان وجوده سيكون عائق أمام وحدة الصف فانه لا يشرفه إن يبقى أو إن يكون سببا لتقسيم الجنوبيين لان الجنوب أغلى واهم من أنانياتنا ومصالحنا الضيقة ولذلك فان الذي لا يستطيع إن يتنازل عن ذاتياته لمصلحة الجنوب لا يمكن إن يخدم الجنوب أو أن يضحي من أجلة بحياته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق