كلنا نعلم إن نجاح أي عمل أو أي نشاط يعتمد على الإدارة والتنظيم والتخطيط (القيادة ) التي تعتمد على كفاءة علمية ومهنية وخبرات إضافة إلى الإخلاص والنزاهة إمكانيات وقدرات أخرى لابد وان تتوفر في هذا القائد او القيادة على اعتبار إن القيادة علم وفن ينبغي إتقانها ومن هنا كان نجاح تلك القيادات التي توفرت فيها تلك الأسس والمقاييس وبالعكس فشلت الكثير منها التي افتقدت لتلك الأسس والمقاييس عندما تولت القيادات عناصر غير كفاءة كانوا سببا لتلك الإخفاقات والهزائم وللكوارث .
ولذلك فأننا عندما نتحدث عن القيادة الجنوبية من واقع التجربة الجنوبية لا نقصد بذلك مطلقا الإساءة أو النيل والتشهير او الانتقاص لا من تلك التجربة ولا من من الحزب الاشتراكي ولا من أي فرد قيادي كان لأننا نعتبر تلك التجربة بايجابياتها وسلبياتها جزء من تاريخ الجنوب لايمكن لنا ان نلغيها او نقتصها ولسنا هنا في نفس الوقت في حاجة لجلد الذات او في حاجة لإيجاد مبررات او شماعات نرمي عليها فشلنا وأخطائنا لكنه من المهم اليوم ان نقف بشجاعة لتقييم تلك الإخفاقات والاعتراف فيها لكي نتلافى تلك الأخطاء ولكي لانسمح بتكرارها مرة أخرى
إن وقفة تأملية لمراجعة وتقييم تجربة الإدارة السياسية للجنوب منذ الاستقلال الى اليوم يتضح تماما ان كل مشاكل وإخفاقات الجنوبيين وماعانوه ويعانوه وما أوصل الجنوب الى ماهو عليه اليوم يتمثل في فشل الإدارة السياسية التي نتج عنها تلك السياسات والقرارات الغير علمية والغير مدروسة بسبب فشل المطبخ السياسي للقيادة الجنوبية التي تحملت مسؤولية صنع وإدارة السياسيات بمختلف جوانبها وفي التعاطي مع الأحداث والأزمات ومعالجتها التي افتقرت للتحليل العلمي والمعطيات العلمية القائمة على المعلومات والتقديرات الصحيحة التي ينبغي ان تقوم عليها هذه السياسة وقراراتها .
إن عدم اعتماد الإدارة السياسية على مطبخ علمي معلوماتي وعلى العقل والكفاءة الجنوبية قد أدى إلى تلك الإخفاقات في تلك السياسات والى اتخاذ تلك القرارات التي اعتمدت إما على العاطفة والحماسة والجهل او على التأثير الخارجي ونقل التجارب التي لا تتوافق مع واقعنا العربي الإسلامي وخصائصنا الاجتماعية ولقد أثبتت التجربة والأيام فشل تلك السياسات والقرارات الغير ناضجة والغير واقعية والتي اعتمدت على عناصر غير كفؤة غلب عليهم الشطحات الثورية والعواطف والجهل والغباء السياسي كما اشرنا وكان للفكر والعقلية الشمولية دورا سلبيا في صنع ورسم تلك السياسيات والقرارات المتطرفة والخاطئة والحقيقية التي ينبغي الاعتراف فيها ان الجنوبيين لم يوفقوا بقيادة سياسية تقودهم بنجاح وتجنبهم تلك الأخطاء والصراعات والإخفاقات بل بالعكس كانت هذه القيادات ولازالت الى اليوم سببا لكل فشل وهزيمة ومعاناة كما اشرنا فلقد فشلت في إدارة الجنوب وأزماته بعد الاستقلال بل كانت سببا لتلك الأزمات والصراعات وفشلت في تقديرات وتقييم وفهم الأوضاع الحقيقية للشمال والتي دفعة بهم عواطفهم وخلافاتهم إلى الدخول في وحدة غير محسوبة النتائج وهي نفسها تلك العقلية فشلت في الخروج من الوحدة في صيف حرب 94م وفشلت في قيادة وإدارة الحراك الجنوبي ولازالت لليوم تكرر أخطاءها وبنفس العقلية السياسية العاطفية ونفس الآلية في تقيمها وقراءاتها الخاطئة لتطورات الأوضاع والأحداث في وفي كيفية الخروج من هذا الوضع وفي كيفية حل القضية الجنوبية وفي التعاطي معها والذي يتضح إن تلك القيادات لم تتعلم بعد من تلك التجارب والعبر ولازالت وبنفس تلك العقلية تحاول إن تدير أزمات ومشاكل الجنوب الأمر الذي يغلق الكثير من الوقوع مجددا في كوارث جديدة وتكرار تلك القرارات والتجارب الفاشلة.
إن تجربة البلدان الناجحة الأكثر تطورا وخبرة والتي يتربع على قياداتها كفاءات علمية كبيرة ومجربة الا انه لا يترك لهذه القيادات التفرد في صنع واتخاذ القرارات والسياسات بل يأتي دورها في المرحلة الأخيرة للقرار السياسي حيث يمر القرار السياسي بالعديد من الهيئات المختصة وبالاعتماد على المراكز العلمية والاستخباراتية ولا يمكن ان تصدر الهيئات التشريعية والتنفيذية قراراتها دون مرورها عبر هذه الأجهزة العلمية التخصصية
لقد ان الأوان للعقلية الجنوبية السلطوية وللعفوية والعاطفة والعشوائية ان تتوقف عن العبث بمصير ومستقبل الشعب الجنوبي فالشعب الجنوبي ليس حقل للتجارب وفيه اليوم والحمد لله من العقول والكفاءات العلمية القادرة على رسم وصنع سياسات الجنوب بمهنية عالية فهل يترك لها وللمراكز العملية المتخصصة صنع القرار الوطني الجنوبي بعيدا عن المزاجية والعاطفة السياسية والتخبط والعشوائية وتكرار التجارب الفاشلة القاتلة .
23 ديسمبر 2011م
23 ديسمبر 2011م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق