إن القضية الجنوبية هي قضية شعب لا تهم مكون او حزب او فصيل بذاته بقدر ما تهم شعب الجنوب كله وبالتالي فأننا بالقدر الذي نحترم الرؤى والمشاريع المطروحة من قبل القوى السياسية الجنوبية أكان مشروع فك الارتباط او مشروع الفدرالية الا انه ينبغي ان تطرح لاستفتاء الشعب الجنوبي حتى يحسم خياره وحتى لا نقع ونكرر أخطاء الأمس في جر هذا الشعب إلى كوارث وفرض عليه واقع لا يريده ومصادرة حقه في تقرير مصيره واختيار مستقبله.
يعلمون من يرفعون شعار فك الارتباط والاستقلال وهو من وجهت نظري خيار صحيح تؤكده حقائق الرفض الشعبي لهذا الواقع والمقاومة الشعبية والمطالبة باستعادة دولة الجنوب الذين يرفعون علمها في كل فعالية ومحفل، يعلمون الصعوبات التي تعرقل وتعيق هذا المشروع نتيجة التمزق والخلافات الجنوبية وعدم إيجاد آليات وقنوات وعمل منظم وفي ظل ضعف التحرك الخارجي والنشاط الإعلامي وعدم وجود خطاب مطمئن للقوى الجنوبية الأخرى .
كما يعلم أصحاب الفدرالية كذلك ان مشروعهم يفتقر للإجماع الجنوبي وإنهم لا يمتلكون لا القوه لفرضه ولا ضمانات من الطرف الشمالي بقبوله ولا ضمانات دولية لتحقيقه بالآلية التي قدم بها ولفترة انتقالية تنتهي باستفتاء الجنوبيين.
ان تمترس كل طرف لمشروعه ومحاولة فرضه على الآخرين مصحوبة بمخلفات الماضي والذاتية الجنوبية المريضة قد أفشلت كل الجهود السابقة لتوحيد الجنوبيين وحالت دون إمكانية التوافق والتقارب والاتفاق على مشروع موحد فلا أصاحب فك الارتباط يمكن إن يتنازل إلى الفدرالية ولا صاحب الفدرالية يرفع سقفه للاستقلال وإزاء هذا الوضع فأنه لابد من حل يخرج الجنوبيين من هذا الوضع وإيجاد مشروع توافقي يوحد الجنوبيين خلفه ولا يوجد من وجهة نظرنا حل ومخرج إلا في إرجاع الأمر للشعب ليحسم هذا الخلاف بتزكيته وتبنيه لأي من المشروعين وأي منهما يعبر بالفعل عن تطلعاته عن طريق الاستفتاء على المشروعين واستغرب لمن يقول أن مشروعه هو خيار الشعب ويتخوف من إخضاع مشروعه لاستفتاء الشعب كما استغرب ممن ينتقد الرئيس البيض في الزج بالجنوب بوحدة دون استفتاء الشعب الجنوبي عليها وهم يريدون اليوم ان يعيدون الكرة بفرض مشاريع دون استفتاء الشعب الجنوبي ومصادرة حقه وفرض عليه الوصاية مجددا .
وما ينبغي التنبيه اليه إلى ان مشروع تقرير المصير لا يلغي ولا يتعارض لا مع مشروع فك الارتباط ولا مع مشروع الفدرالية بل يتبناهما معا ويدخلهما مختبر الاختبار الحقيقي ليقول الشعب كلمته مع أي مشروع تلتقي مصالحه وتطلعاته مع فك الارتباط ام مع الفدرالية ،، وما ينبغي التنبه إليه كذلك وتأكيده إن مشروع الاستفتاء ليس على الوحدة لان الوحدة قد انتهت في عام 94م وان ماهو موجود اليوم على ارض الجنوب ليس إلا احتلال واستعمار تؤكده حقائق الممارسات على ارض الجنوب والواقع بل ويعترف بذلك قادة حرب 94م الذين اجتاحوا الجنوب عسكريا وهو اعتراف يدحض أكذوبة الوحدة ويخجل أي جنوبي إن يزايد باسم الوحدة أو يدافع عنها .
إن جوهر حق تقرير المصير هو احترام لإرادة ورغبة الشعب الجنوبي وأعادت الاعتبار لهذا الشعب الذي غيب وصودر حقه طوال فترة لأكثر من نصف قرن وهو عودة الحق والقرار للشعب الذي طالما تغنينا وزايدنا بشعاراتنا عليه وباسمه لقد إن الأوان ان يقول الشعب الجنوبي كلمة الفصل وان لا مصادرة لحق الشعب وإرادته ولا فرض عليه لا بالقوة ولا بالوصاية قرارات لا تلبي طموحه وتطلعاته وحتى لا تتكرر تجارب الماضي من سياسة وقرارات التفرد والفرض والوصاية والذي لم يجني منها الا الحروب والصراعات والأزمات والمآسي وكان أخرها القذف فيه في وحدة أضاعت الجنوب ورمت به في أحضان الشيطان ودفع شعبنا ولازال يدفع إثمان باهظة لمثل تلك القرارات التي صادرة حقه وفرض عليه واقع مهين وحياة بؤس وإذلال وقهر واستعباد.
إذن إن شعار حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره بنفسه هو الشعار الذي يوحد الجنوبيين من المهرة إلى عدن ويوفر إمكانية للجنوبيين ليست لتوحيد صفوف الجنوبيين وتوحيد الإمكانيات والطاقات الجنوبية بل وينهي في نفس الوقت مرحلة الخلافات والتباينات والانقسامات بين القوى السياسية الجنوبية أكان داخل الحراك الجنوبي السلمي ومكوناته أو على صعيد القوى السياسية الجنوبية بشكل عام , وهو في نفس الوقت الطريق الآمن بأقل التكاليف والمشروع الصائب لتحقيق تطلعات وطموحات الشعب الجنوبي في صنع مستقبله واختيار طريقه وهو كذلك حقاً كفلته القوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة ويوفر إمكانيات واسعة للتحرك السياسي الخارجي وللعمل الإعلامي لتسويق القضية الجنوبية دوليا وحشد تعاطف ودعم العالم لحق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره إذا استطاع الجنوبيين إن يوجدوا قيادة سياسية فاعلة ومتحركة سياسيا وإعلاميا.
مشروع حق تقرير المصير هو مخرج سليم ومقنع للجميع فهو يقنع القوى السياسية الجنوبية في الاحتكام لإرادة الشعب وهو يقنع الشارع الشمالي والقوى السياسية الشمالية التي تدعي النضال من أجل الحرية وحقوق الإنسان وتناضل اليوم من أجل إسقاط النظام القمعي الفاسد وإقامة دولة النظام والقانون , ونعني هنا ثورة شباب اليمن بان تحترم رغبة ورادة الشعب الجنوبي وهو يحرج المجتمع الدولي والأمم المتحدة إن تطبق وتتمثل للقوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة .
إن حق الشعب الجنوبي في تقرير مصيره بنفسه هو الشعار الذي يوحد الجنوبيين وهو الشعار الذي ينبغي ان ينعقد خلفه أي مؤتمر جنوبي حريص على وحدة الجنوبيين وإنقاذ الجنوب لان أي مؤتمر يسوق مشاريع أحادية الجانب لن يزيد الجنوبيين الا مزيدا من التمزق ويضيف أعباء جديدة لمعانات شعبنا ولإحباط معنوياته وبالذات في هذه الظروف الخطيرة والحساسة التي تطلب اليوم من قادة الجنوب بمختلف درجاتهم ان يستشعروا هذه المخاطر ويتحملوا مسؤوليتهم التاريخية لوضع الحلول والمعالجات لمواجهتها ،، لكنه قدرنا نحن الجنوبيين ويا للأسف إن تلتقي قياداتهم ليناقشوا مشاكلهم وخلافاتهم لا مشاكل الوطن ومستقبله .
ولذلك فإن حشد وتوحيد الجنوبيين كلهم بمختلف قواهم السياسية والاجتماعية خلف مشروع حق تقرير المصير هو الطريق الأمن الصائب الذي سوف يقودنا إلى بر الأمان موحدين أقوياء وبوحدتنا والتي لا نتملك قوة سواها وفي عدالة قضيتنا التي نستمد منها العزيمة والإيمان سنتخطى الصعاب ونجتاز المحن ونطوي المسافات للوصل إلى شاطئ الحرية انشاء الله .
الخلاصة :
لقد فشل أصحاب شعار فك الارتباط والاستقلال إن يوحدوا كل الجنوبيين ويحشدوهم خلف مشروعهم ،، كما فشل أصحاب مشروع الفدرالية كذلك ،، بل قسمت هذه المشاريع الجنوبيين مع الأسف وأضعفت الحراك الجنوبي السلمي وباتت الخلافات تهدد القضية الجنوبية ،، ولذلك نرى إن شعار وهدف حق تقرير المصير الذي بدأ يطرح بقوة وينادي به الكثير هو المشروع الوحيد الذي يمكن أن يوحد الجنوبيين خلفه ،،ومن يقول خلافا لذلك أو عنده البديل الأفضل كمشروع أخر يوحد الجنوبيين فليسعفنا به..
13نوفمبر 2011م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق