الأربعاء، 4 مايو 2011

القضية الجنوبية قضية شعب


                                                    
                        

تعلمنا الحياة والتاريخ والتجارب أن قضايا الشعوب العادلة والمشروعة لا يمكن لها ان تموت بل تظل حية مهما اعترضنها المعوقات والصعوبات والمخاطر لأنها ترتبط بالحق الذي لابد له وان يعود لأهله ولابد له أن ينتصر في النهاية مهما كانت الصعوبات والتضحيات .
 ومادام القضية الجنوبية قضية عادلة ومشروعة فانه لا خوف عليها ولابد لها أن تنتصر في النهاية وهي لا تسقط بإسقاط النظام كما يحاول أن يسوق ويروج البعض لذلك لأنها قضية شعب له تاريخه وثقافته وهويته وان اندفاع شباب الجنوب في ثورة الشباب وتأييدهم لها يأتي أيمانا منهم بعدالة ثورة الشباب وانسجاما مع موقفهم المعادي لنظام صنعاء ومن وقت مبكر وقبل قيام ثورة الشباب ،، وفي نفس الوقت نقول لأولئك الذين يولولون اليوم ويتباكون على القضية الجنوبية أنهم هم أنفسهم الذين أضروها بسلوكياتهم وبخطاباتهم وشعاراتهم المتطرفة التي أضرت بالحراك الجنوبي وأساءت للقضية الجنوبية وكانت عائقا أمام وحدة الجنوبيين وأثبتت التجارب أن العناصر المتطرفة والمزايدة كانت سببا للانتكاسات والهزائم.
 وفي خضم هذا النقاش وما يعتمل اليوم على الساحة اليمنية عموما والجنوب خاصة وما أفرزته ثورة الشباب من مناخ جديد وواقع جديد ينبغي التعاطي الايجابي معه بوعي ومسؤولية بعيدا عن التجاهل أو ألامبالاة وكأن ألاف الشباب الجنوبيين المنخرطين في ثورة الشباب المنادي بإسقاط النظام لا يعنونا ،، وبعيدا في نفس الوقت عن العاطفة والأحلام الوردية والانجرار الأعمى خلف ثورة الشباب على حساب القضية الجنوبية دون حسابات دقيقة واتفاق لحل القضية الجنوبية سلميا والذي يعتقد البعض مع الأسف أن إسقاط رأس النظام يحل القضية الجنوبية وهو فهم عاطفي خاطئ رغم قناعتنا بان ثورة الشباب قد دكت أعمدت هذا النظام القمعي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة ونحن نؤيد وندعم هذه الثورة التي نأمل أن تحقق قيام دولة النظام والقانون الذي يعلق الجنوبيين عليها أمال في الاعتراف بالقضية الجنوبية وحلها سلميا وتأسيسا على ذلك فأننا نحب هنا التأكيد على القضايا الآتية :
-           إن الوحدة  التي تمت بين الشمال والجنوب في عام 90م هي وحدة سياسية بين دولتين وهذه الوحدة قد تم القضاء عليها واغتيالها في حرب 94م وان الموجود اليوم على ارض الواقع الجنوبي ليس وحدة بل احتلال وعلى هذا المفهوم ينبغي أن يتحاور الجنوبيين والشماليين وبدون ان يستوعبوا ذلك  أخواننا الشماليين ويقروه فلا فائدة ترجى من أي حوار .

-    إن القضية الجنوبية هي قضية سياسية بامتياز وليست قضية حقوقية مطلبيه أنما هي قضية شعب سلبت أرضه ودمرت دولته وطمس تاريخه وامتهنت حريته وكرامته وبالتالي فان الشرط الرئيسي للدخول في حوار هو الاعتراف فيها من قبل أخواننا الشماليين بهذا المفهوم حتى يمكن الدخول في حوار حقيقي لحلها سلميا أذا أرادوا ذلك .

-         إن الحراك الجنوبي السلمي هو الحامل الشرعي للقضية الجنوبية بكل مكوناته وأطيافه وهو الإطار الواسع الذي يمثل ويتبنى القضية الجنوبية والذي جاء الحراك السلمي رفضا لواقع وحدة الحرب أو الوحدة والموت وقدم الحراك السلمي الجنوبي تضحيات غالية في سبيل استعادة دولته وحريته وقدم الجنوبيين صورة حضارية رائعة كأول شعب في التاريخ المعاصر يتخذ من النضال السلمي وسيلة وأسلوبا لتحقيق أهدافه المتمثلة في استعادة دولته وحريته .

-         إن القضية الجنوبية كقضية مشروعة وعادلة لا خوف عليها وستظل حية وفاعلة حتى يتم حلها حلا يعيد للجنوبيين أرضهم وحريتهم وكرامتهم أكان من خلال الحوار بين الشماليين والجنوبيين وحلها حلا سلميا او في استمرار الجنوبيين في نضالهم السلمي لاستعادة دولتهم .

-         هناك رؤيتان  مطروحة لحل القضية الجنوبية وهي وجهتي نظر ينبغي أن يتقبلها الجنوبيين ويستوعبونها دون تعصب او تمترس لأي طرف أو تخوين لأي طرف كان ويمكن ان نوجز هذين المشروعين في الأتي .

1-   هناك تيار يرى انه لا مجال لأي نقاش أو حلول في أطار دولة يمنية موحدة حتى ولم تم أعادة صياغة الوحدة من جديد أو في أطار أي شكل من الفدرالية او الكنفدرالية وهذا التيار لا يريد ألا استعادة الجنوب كاملا كدولة مستغلة أي العودة إلى ما قبل قيام الوحدة عام تسعين وهذا التيار له مبرراته من واقع التجربة والمعاناة التي مر بها الجنوبيين منذو عام 90م إلى اليوم .

2-   هناك تيار أخر يرى لأسباب ومبررات يطرحها أن العيب ليس في الوحدة ذاتها وان الوحدة تظل خيار يمكن أعادة الاعتبار لها وصياغتها بما يؤمن ويكفل حقوق الجنوبيين وهذا التيار يرى أن الحل يكمن في قيام نظام اتحادي فدرالي بإقليمين بمعنى ان يكون الجنوب إقليم يدير الجنوبيين شؤونهم بأنفسهم ويشتركوا مناصفة في هيئات الدولة الاتحادية ثم يستفتي الجنوبيين بعد سنوات في إمكانية الاستمرار في الدولة الاتحادية من عدمه.
 الخلاصة :
إن القضية الجنوبية هي قضية شعب لا تهم مكون او حزب او فصيل بذاته بقدر ما تهم شعب الجنوب كله وبالتالي فأننا بالقدر الذي نحترم مثل هذه الأطروحات والمعالجات الا انه ينبغي ان تطرح كلها في أطار الحوار الجنوبي الجنوبي دون فرضها على الأخر ودون مصادرة حق الشعب في تقرير مصيره وبالتالي فان الحل يكمن في طرح هذين المشروعين لاستفتاء الشعب الجنوبي حتى يحسم خياره وقراره الذي يقطع الطريق أمام المتشددين والمتطرفين أين كانوا أو الذين ينصبون أنفسهم وكلاء يقررون باسم شعب دون تفويض منه وحتى لا نقع ونكرر أخطاء الأمس في جر هذا الشعب إلى كوارث وفرض عليه واقع لا يريده ومصادرة حقه في تقرير مصيره.
 على الجنوبيين اليوم أن يتعلمون من تجارب الماضي ومن تلك الدروس والعبر في ترتيب البيت الجنوبي الذي يستوعب الجميع دون إقصاء أو إلغاء احد لأنه بدون ذلك لا يمكن الحديث عن مشروع جنوبي وعن مستقبل جنوبي ولذلك فان مصلحة الجنوب ومستقبل الأجيال القادمة تتطلب من كل الجنوبيين أفرادا أو أحزاب ان يتنازلوا لبعضهم البعض للاتفاق على القواسم المشتركة التي تخدم وتوحد الجميع من خلال صياغة برنامج جنوبي يجمع عليه الكل يحقق لهم تطلعاتهم في حياة حرة كريمة 
                  4 مايو2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق